سورة الجاثية - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الجاثية)


        


{وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (8)}
قوله تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} {وَيْلٌ} واد في جهنم. توعد من ترك الاستدلال بآياته. والأفاك: الكذاب. والافك الكذب. {أثيم} أي مرتكب للإثم. والمراد فيما روي النضر بن الحارث. وعن ابن عباس أنه الحارث بن كلدة.
وحكى الثعلبي أنه أبو جهل وأصحابه. {يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ} يعني آيات القرآن. {ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً} أي يتمادى على كفره متعظما في نفسه عن الانقياد، مأخوذ من صر الصرة إذا شدها. قال معناه ابن عباس وغيره.
وقيل: أصله من إصرار الحمار على العانة، وهو أن ينحني عليها صارا أذنيه. و{أن} من {كان} مخففة من الثقيلة، كأنه لم يسمعها، والضمير ضمير الشأن، كما في قوله:
كأن ظبية تعطو إلى ناضر السلم ومحل الجملة النصب، أي يصر مثل غير السامع. وقد تقدم في أول {لقمان} القول في معنى هذه الآية. وتقدم معنى {فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ} في البقرة.


{وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (9) مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (10)}
قوله تعالى: {وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً} نحو قوله في الزقوم: إنه الزبد والتمر، وقوله في خزنة جهنم: إن كانوا تسعة عشر فأنا ألقاهم وحدي. {أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ} مذل مخز. {مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ} أي من وراء ما هم فيه من التعزز في الدنيا والتكبر عن الحق جهنم.
وقال ابن عباس: {مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ} أي أمامهم، نظيره {مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ} [إبراهيم: 16] أي من أمامه. قال:
أليس ورائي إن تراخت منيتي *** أدب مع الولدان أزحف كالنسر
{وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً} أي من المال والولد، نظيره {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً} [آل عمران: 10] أي من المال والولد. {وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ} يعني الأصنام. {وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ} أي دائم مؤلم.


{هذا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11)}
قوله تعالى: {هذا هُدىً} ابتداء وخبر، يعني القرآن.
وقال ابن عباس: يعني كل ما جاء به محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ} أي جحدوا دلائله.
{لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ} الرجز العذاب، أي لهم عذاب من عذاب أليم، دليله قوله تعالى: {فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ} [البقرة: 59] أي عذابا.
وقيل: الرجز القذر مثل الرجس، وهو كقوله تعالى: {وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ} [إبراهيم: 16] أي لهم عذاب من تجرع الشراب القذر. وضم الراء من الرجز ابن محيصن حيث وقع. وقرأ ابن كثير وابن محيصن وحفص {اليم} بالرفع، على معنى لهم عذاب أليم من رجز. الباقون بالخفض نعتا للرجز.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8